فصل: فِي الَّذِي يَصُومُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يَنْوِي بِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ آخَرَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي الْكَفَّارَةِ فِي رَمَضَانَ:

قُلْتُ: مَا حَدُّ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ مِنْ الْمُخَالَطَةِ فِي الْجِمَاعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: مَغِيبُ الْحَشَفَةِ يُفْطِرُهُ وَيُفْسِدُ حَجَّهُ وَيُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُوجِبُ حَدَّهُ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: الطَّعَامُ لَا يَعْرِفُ غَيْرَ الطَّعَامِ وَلَا يَأْخُذُ مَالِكٌ بِالْعِتْقِ وَلَا بِالصِّيَامِ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ الطَّعَامُ عِنْدَ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: مُدًّا مُدَّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ.
قُلْتُ: فَهَلْ يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ يُطْعِمَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَيُطْعِمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا؟
فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ وَلَكِنْ يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُدًّا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ.
قُلْتُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ أَكْرَهَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ فَجَامَعَهَا نَهَارًا مَا عَلَيْهَا وَمَاذَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا وَعَلَيْهَا أَيْضًا هِيَ الْقَضَاءُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحَجُّ أَيْضًا عَلَيْهِ أَنْ يُحِجَّهَا إنْ هُوَ أَكْرَهَهَا وَيُهْدِي عَنْهَا.
قُلْتُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ أَيَّامًا فِي رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ وَعَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا وَعَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا قَضَاءُ عَدَدِ الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَتْهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ وَطِئَهَا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مَرَّةً وَاحِدَةً.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ وَهِيَ طَائِعَةٌ فَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَامَعَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ طَاوَعَتْهُ ثُمَّ حَاضَتْ مَنْ يَوْمِهَا مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
فَقَالَ: عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنْ دَاوُد بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إنِّي أَفْطَرْتُ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: أَعْتِقْ رَقَبَةً أَوْ صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا».
قَالَ أَشْهَبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَتْ عَنْ رَجُلٍ أَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «احْتَرَقْتُ احْتَرَقْتُ. قَالَ: بِمَ قَالَ: وَطِئْتُ امْرَأَتِي نَهَارًا فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ. فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَمْكُثَ فَجَاءَهُ بِعِرْقٍ فِيهِ طَعَامٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ».
قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَهُمَا عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا».
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ؟
فَقَالَ: يَصُومُ هَذَا الرَّمَضَانَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ، فَإِذَا أَفْطَرَ قَضَى ذَلِكَ الْأَوَّلَ فَأَطْعَمَ مَعَ هَذَا الَّذِي يَقْضِيهِ مُدًّا لِكُلِّ يَوْمٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ مَرِيضًا حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ الَّذِي أَفْطَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ.
قَالَ: وَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ الْمُقْبِلُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي صَحَّ فِيهَا إذَا قَضَى الرَّمَضَانَ الَّذِي أَفْطَرَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ إنْ كَانَ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَأَقَامَ أَيَّامًا فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى دَخَلَ، دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا، قُلْتُ: فَمَتَى يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ؟
قَالَ: إذَا أَخَذَ فِي رَمَضَانَ الَّذِي أَفْطَرَهُ فِي سَفَرِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ.
قُلْتُ: فَفِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ؟
فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يُطْعِمْ الْمَسَاكِينَ فِيهِ حَتَّى مَضَى قَضَاؤُهُ؟
فَقَالَ: يُطْعِمُهُمْ، وَإِنْ مَضَى قَضَاؤُهُ لِرَمَضَانَ يُطْعِمُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّعَامُ إذَا هُوَ قَضَى رَمَضَانَ فَلَمْ يُطْعِمْ فِيهِ؟
فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّعَامُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَفَرَّطَ فِيهِ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الصِّيَامِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ، أَطْعَمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَكَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَمَّنْ تَوَانَى فِي قَضَاءِ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ كَانَتْ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ؟
قَالَ: يَصُومُ الرَّمَضَانَ الْآخَرَ إذَا فَرَغَ مِنْ صِيَامِهِ صِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ وَنِيَّتُهُ الْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، أَوْ مَضَى أَكْثَرُ النَّهَارِ أَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَإِنْ أَصْبَحَ يَنْوِي الْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ نَوَى الصِّيَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ نَوَى الْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ يَوْمَهُ كُلَّهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ؟
فَقَالَ: قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فَلَا أَدْرِي الْكَفَّارَةُ قَالَ وَالْقَضَاءُ، أَوْ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ وَأَحَبُّ ذَاكَ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ فِيهِ مَعَ الْكَفَّارَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصْبَحَ يَنْوِي الْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الصِّيَامِ بَعْدَ مَا نَوَى الْإِفْطَارَ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَقَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ مَرِضَ مِنْ يَوْمِهِ مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ مَعَهُ أَتَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَقَالَ فِي الْحَائِضِ مِثْلَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُسَافِرًا أَصْبَحَ يَنْوِي الصَّوْمَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ دَخَلَ مِنْ يَوْمِهِ إلَى أَهْلِهِ فَأَفْطَرَ وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَوْ فِي آخِرِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَفْطَرَ أَيْضًا وَهُوَ فِي سَفَرِهِ أَوْ فِي أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ جَارِيَةً حَاضَتْ فِي رَمَضَانَ أَوْ غُلَامًا احْتَلَمَ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الرَّمَضَانِ، أَيُعِيدَانِ ذَلِكَ الرَّمَضَانَ أَيَكُونُ عَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ أَوْ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُمَا لِمَا أَفْطَرَا فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ؟
فَقَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ السَّفِيهِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِمَ يُفْطِرُ فِي سَفَهِهِ فِي رَمَضَانَ أَيَّامًا؟
فَقَالَ: عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ كَفَّارَةٌ، كَفَّارَةٌ مَعَ الْقَضَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَصْبَحَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ يَنْوِي الْفِطْرَ فِيهِ مُتَعَمِّدًا فِيهِ لِفِطْرِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ تَرَكَ الْأَكْلَ وَأَتَمَّ صِيَامَهُ؟
فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

.فِي الَّذِي يَصُومُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يَنْوِي بِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ آخَرَ:

قُلْتُ: مَا يَقُولُ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ، فَصَامَ هَذَا الدَّاخِلَ يَنْوِي بِهِ قَضَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ؟
فَقَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرُ مَشْيٍ وَكَانَ ضَرُورَةً لَمْ يَحُجَّ، فَجَهِلَ فَمَشَى فِي حَجَّتِهِ يَنْوِي بِحَجَّتِهِ هَذِهِ قَضَاءَ نَذْرِهِ وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟
فَقَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: أَرَاهَا لِنَذْرِهِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا أَنَا فَأَرَى فِي مَسْأَلَتِك أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَجَّ يُجْزِئُهُ لِفَرِيضَتِهِ وَعَلَيْهِ النَّذْرُ، وَرَأْيِي الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي الْحَجِّ أَنْ يَقْضِيَ الْفَرِيضَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَا بَدَأَ الْفَرِيضَةَ وَالنَّذْرَ فَأَوْلَاهُمَا بِالْقَضَاءِ أَوْجَبُهُمَا عِنْدَ اللَّهِ، وَأَمَّا الصِّيَامُ فَذَلِكَ يُجْزِئُهُ.

.فِي قِيَامِ رَمَضَانَ:

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ قِيَامِ الرَّجُلِ فِي رَمَضَانَ أَمَعَ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْك أَمْ فِي بَيْتِهِ؟
فَقَالَ: إنْ كَانَ يَقْوَى فِي بَيْتِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ هُرْمُزَ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ بِأَهْلِهِ، وَكَانَ رَبِيعَةُ وَعَدَدٌ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقُومُ مَعَ النَّاسِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: بَعَثَ إلَيَّ الْأَمِيرُ وَأَرَادَ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ الَّذِي كَانَ يَقُومُهُ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً وَالْوِتْرُ ثَلَاثٌ.
قَالَ مَالِكٌ: فَنَهَيْته أَنْ يُنْقِصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْأَمْرُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ النَّاسُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يَقُومُ بِالنَّاسِ بِإِجَارَةٍ فِي رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَكَيْفَ الْإِجَارَةُ فِي الْفَرِيضَةِ؟
فَقَالَ: ذَلِكَ أَشَدُّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ، قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنَّمَا سَأَلْنَاهُ عَنْ رَمَضَانَ وَهَذَا عِنْدِي أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَصَدْرٌ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانُوا يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمْ أُدْرِكْ النَّاسَ إلَّا وَهُمْ يَقُومُونَ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً يُوتِرُونَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمَرَ الْقُرَّاءَ أَنْ يَقُومُوا بِذَلِكَ وَيَقْرَءُوا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ مِنْ الْوِتْرِ فَيُبَادِرُ الرَّجُلُ بِسُحُورِهِ خَشْيَةَ الصُّبْحِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ، وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ مِنْ الْقِيَامِ فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: الْأَمْرُ فِي رَمَضَانَ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ بِالْقَصَصِ بِالدُّعَاءِ وَلَكِنْ الصَّلَاةُ.

.فِي الْقِرَاءَةِ فِي رَمَضَانَ وَصَلَاةُ الْأَمِيرِ خَلْفَ الْقَارِئِ:

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْقُرَّاءِ فِي رَمَضَانَ يَقْرَأُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعٍ سِوَى مَوْضِعِ صَاحِبِهِ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي.
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا اتَّبَعَ هَؤُلَاءِ فِيهِ مَا خَفَّ عَلَيْهِمْ لِيُوَافِقَ ذَلِكَ أَلْحَانَ مَا يُرِيدُونَ وَأَصْوَاتَهُمْ، وَاَلَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَلْفَ الرَّجُلِ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْأَوَّلُ، ثُمَّ الَّذِي بَعْدَهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
قَالَ: وَهَذَا الشَّأْنُ وَهُوَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ إلَيَّ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ خَتْمُ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ بِسُنَّةٍ لِلْقِيَامِ.
قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْأَلْحَانِ فِي الصَّلَاةِ؟
فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي وَأَعْظَمَ الْقَوْلَ فِيهِ، وَقَالَ: إنَّمَا هَذَا غِنَاءٌ يَتَغَنَّوْنَ بِهِ لِيَأْخُذُوا عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ يَشُكُّ فِي الْحَرْفِ وَهُوَ يَقْرَأُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ مَنْشُورٌ، أَيَنْظُرُ فِي الْمُصْحَفِ لِيَعْرِفَ ذَلِكَ الْحَرْفَ؟
فَقَالَ: لَا يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْحَرْفِ وَلَكِنْ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْحَرْفِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِقِيَامِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ، فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمِيرِ يُصَلِّي خَلْفَ الْقَارِئِ فِي رَمَضَانَ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصْنَعُ ذَلِكَ فِيمَا خَلَا وَلَوْ صُنِعَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: لِمَ وَسَّعَ مَالِكٌ فِي هَذَا وَكَرِهَ لِلَّذِي يَنْظُرُ فِي الْحَرْفِ؟ قَالَ؛ لِأَنَّ هَذَا ابْتَدَأَ النَّظَرَ فِي أَوَّلِ مَا قَامَ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَؤُمَّ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ فِي الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ وَفِي النَّافِلَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَرِهَ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَءُونَ فِي الْمَصَاحِفِ فِي رَمَضَانَ، وَذَكَرُوا أَنَّ غُلَامَ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا فِي الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ لِقِيَامِ النَّاسِ: لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ.
وَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَ أَمَّ النَّاسَ بِسُورَةٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ لَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَإِنِّي لَا أَرَى أَنْ قَدْ كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ الْقُرْآنَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْأَمِيرِ خَلْفَ الْقَارِئِ؟
قَالَ: مَا بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَقُومَانِ فِي رَمَضَانَ مَعَ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ: وَعَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي أَمِيرِ بَلْدَةٍ مِنْ الْبُلْدَانِ: يَصْلُحُ لَهُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ فِي الْقِيَامِ يَؤُمُّهُ رَجُلٌ مِنْ رَعِيَّتِهِ؟
فَقَالَ: لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلْيُصَلِّ فِي بَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ فَيَقُومَ بِالنَّاسِ.

.التَّنَفُّلِ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ:

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ التَّنَفُّلِ فِيمَا بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيُسَلِّمُ، فَأَمَّا مَنْ يَقُومُ وَيُحْرِمُ وَيَقْرَأُ وَيَنْتَظِرُ النَّاسَ حَتَّى يَقُومُوا فَيَدْخُلَ مَعَهُمْ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ يَرْكَعُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ، حَتَّى يَدْخُلَ مَعَهُمْ: أَيْ يَثْبُتَ قَائِمًا حَتَّى إذَا قَامُوا دَخَلَ مَعَهُمْ بِتَكْبِيرَتِهِ الَّتِي كَبَّرَهَا أَوْ يُحْدِثَ لِذَلِكَ تَكْبِيرَةً أُخْرَى.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ الْهَادِي.
قَالَ: رَأَيْتَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُصَلُّونَ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ قَوِيتَ عَلَى ذَلِكَ فَافْعَلْهُ.
قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا كَرِهَهُ.

.فِي قُنُوتِ رَمَضَانَ وَوِتْرِهِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْحَدَثِ الَّذِي يَذْكُرُهُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلَا أَرَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَلَا يَقْنُتَ فِي رَمَضَانَ لَا فِي أَوَّلِهِ وَلَا فِي آخِرِهِ، وَلَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَلَا فِي الْوِتْرِ أَصْلًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْوِتْرُ آخِرُ اللَّيْلِ أَحَبُّ إلَيَّ لِمَنْ يَقْوَى عَلَيْهِ.
قُلْتُ لِمَالِكٍ: لَقَدْ كُنْتُ أَنَا أُصَلِّي مَعَهُمْ مَرَّةً فَإِذَا جَاءَ الْوِتْرُ انْصَرَفْتُ فَلَمْ أُوتِرْ مَعَهُمْ انْتَهَى.

.كِتَابُ الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ صَوْمٍ:

.(الاعتكاف بغير صوم):

وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَيَكُونُ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: لَا يَكُونُ إلَّا بِصَوْمٍ، وَقَالَ ذَلِكَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَنَافِعٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُعْتَكِفِ إنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا أَيُنْتَقَضُ اعْتِكَافُهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الصَّوْمَ فَخَرَجَ؟
قَالَ: فَإِذَا صَحَّ بَنَى عَلَى مَا اعْتَكَفَ.
قَالَ: وَإِنْ هُوَ صَحَّ فَلَمْ يَبْنِ عَلَى مَا كَانَ اعْتَكَفَ وَفَرَّطَ فَلْيَسْتَأْنِفْ وَلَا يَبْنِ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ النَّهَارِ بَعْضُهُ وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ وَكَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لَا يَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ، أَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ حِينَ يَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ أَمْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ ثُمَّ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ ثُمَّ يَبْنِيَ؟
فَقَالَ: لَا يُؤَخِّرْ ذَلِكَ، بَلْ يَدْخُلْ حِينَ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ، أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ: أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الْمَسْجِدِ فِي أَيِّ سَاعَةٍ طَهُرَتْ وَلَا تُؤَخِّرُ ذَلِكَ.
ثُمَّ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَكُونُ عَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي قَتْلِ نَفْسٍ، فَتَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ فَتَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صِيَامِهَا وَلَا تُؤَخِّرُ ذَلِكَ، فَالْمَرِيضُ مِثْلُ الْحَائِضِ إذَا صَحَّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَك ذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اعْتَكَفَ بَعْضَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ثُمَّ مَرِضَ فَصَحَّ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ وَلَا يَثْبُتُ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ اعْتِكَافًا إلَّا بِصِيَامٍ، وَيَوْمُ الْفِطْرِ لَا يُصَامُ فِيهِ فَإِذَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ عَادَ إلَى مُعْتَكَفِهِ، قِيلَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلِي لَك فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَوْلِي لَكَ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَكِفِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ يَمْرَضُ ثُمَّ يَصِحُّ قَبْلَ الْفِطْرِ: إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مُعْتَكَفِهِ فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى، فَإِنْ غَشِيَهُ الْعِيدُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَيَّامِ اعْتِكَافِهِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَخْرُجُ إلَى الْعِيدِ مَعَ النَّاسِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى بَيْتِهِ، وَلَكِنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ.
وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْمُعْتَكِفِ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا نَهَارًا؟
فَقَالَ: يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَيَصِلُهُ بِاعْتِكَافِهِ، قِيلَ لَهُ: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَا أَحْفَظُ كَيْفَ سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ.

.فِي الْمُعْتَكِفِ يَطَأُ امْرَأَتَهُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَامَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي اعْتِكَافِهِ نَاسِيًا أَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ يُنْتَقَضُ وَيَبْتَدِئُ وَهُوَ مِثْلُ الظِّهَارِ إذَا وَطِئَ فِيهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي اعْتِكَافِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ بَعْدَمَا اعْتَكَفَ أَيَّامًا؟
فَقَالَ: إذَا صَحَّ بَنَى عَلَى اعْتِكَافِهِ وَوَصَلَ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الَّتِي اعْتَكَفَهَا، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَصِلْهَا اسْتَأْنَفَ وَلَمْ يَبْنِ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ: أَنَّهُ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَهَذَا مِثْلُهُ.

.(فِي الْمُعْتَكِفِ يُقَبِّلُ أَوْ يُبَاشِرُ أَوْ يَلْمِسُ):

فِي الْمُعْتَكِفِ يُقَبِّلُ أَوْ يُبَاشِرُ أَوْ يَلْمِسُ أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا أَوْ يَتْبَعُ جِنَازَةً:
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمُعْتَكِفَ إذَا قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَيُفْسِدُ ذَلِكَ اعْتِكَافَهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ فِي الْقُبْلَةِ أَنَّهُ قَالَ: تَنْقُضُ اعْتِكَافَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاللَّمْسُ عِنْدِي مِثْلُ الْقُبْلَةِ.
وَحَدَّثَنِي سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ وَيَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُولُ: السُّنَّةُ فِي الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَمَسَّ امْرَأَتَهُ وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَتْبَعَ جِنَازَةً وَلَا يَخْرُجَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَلَا يَكُونُ اعْتِكَافٌ إلَّا فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ وَمَنْ اعْتَكَفَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ إذَا اعْتَكَفَتْ فَدَخَلَتْ بَيْتَهَا لِلْحَاجَةِ لَمْ تَسَلْ عَنْ الْمَرِيضِ إلَّا وَهِيَ مَارَّةٌ، قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَعَنْ عَائِشَةَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَصَابَ الْمُعْتَكِفُ أَهْلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُجْلَدَ بِعُقُوبَةٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنْ أَحْدَثَ ذَنْبًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ فِي اعْتِكَافِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ عَنْهُ اعْتِكَافَهُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلُهُ إلَّا الْعُقُوبَةَ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا أَفْطَرَ الْمُعْتَكِفُ أَعَادَ اعْتِكَافَهُ يَعْنِي بِهِ النِّسَاءَ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي مُعْتَكِفٍ مَرِضَ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ: إذَا صَحَّ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِ وَلَا يَأْتَنِفُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ لَهُ، وَقَالَ بِذَلِكَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْعُكُوفَ ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَعْتَكِفْ، حَتَّى إذَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.
قَالَ وَحَدَّثَنِي عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ، أَنَّهُمَا قَالَا: إذَا حَاضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ رَجَعَتْ إلَى بَيْتِهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى تَقْضِيَ اعْتِكَافَهَا الَّذِي جَعَلَتْ عَلَيْهَا، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِثْلَهُ، وَقَالَا: أَيَّةُ سَاعَةٍ طَهُرَتْ فَتَرْجِعُ إلَى الْمَسْجِدِ سَاعَتَئِذٍ.
وَحَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مُوسَى بْنِ مَعْبَدٍ.
قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تَعْتَكِفَ شَهْرًا، فَاعْتَكَفَتْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ حَاضَتْ فَرَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِهَا فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا؟ فَقَالَا: لَا عِلْمَ لَنَا بِهَذَا فَاسْأَلْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ.
ثُمَّ أَعْلِمْنَا، قَالَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: أَتَيَا حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ وَأَخْطَآ السُّنَّةَ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ شَهْرًا، فَقَالَا مِثْلَ مَا قَالَ.

.فِي خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ وَاشْتِرَاطِهِ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمُعْتَكِفِ أَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْغُسْلِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمُعْتَكِفِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ أَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ إذَا خَرَجَ فَاغْتَسَلَ؟
فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يَغْتَسِلُ وَلَا يَنْتَظِرُ غَسْلَ ثَوْبِهِ وَتَجْفِيفَهُ، وَإِنِّي لَأُحِبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبًا غَيْرَ ثَوْبِهِ إذَا أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَدَعَ ثَوْبَهُ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمُعْتَكِفِ أَيَخْرُجُ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ طَعَامَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَكْفِيهِ؟
فَقَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ مَرَّةً: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ.
قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ اعْتِكَافَهُ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لِلْمُعْتَكِفِ إذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ الْمُكْثَ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ شَيْئًا أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَمْكُثُ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ شَيْئًا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مُعْتَكِفًا أُخْرِجَ فِي حَدٍّ عَلَيْهِ أَوْ خَرَجَ فَطَلَبَ حَدًّا لَهُ أَوْ خَرَجَ يَقْتَضِي دَيْنًا لَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ غَرِيمٌ لَهُ، أَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: لَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُ أَنَّ فِي الِاعْتِكَافِ شَرْطًا لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا الِاعْتِكَافُ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ كَهَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، فَمَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِيهِ بِمَا مَضَى مِنْ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ مَا مَضَى عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِشَرْطٍ يَشْتَرِطُهُ أَوْ بِأَمْرٍ يَبْتَدِعُهُ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِمَا مَضَى فِيهَا مِنْ السُّنَّةِ، وَقَدْ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ سُنَّةَ الِاعْتِكَافِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُعْتَكِفُ مُقْبِلٌ عَلَى شَأْنِهِ لَا يَعْرِضُ لِغَيْرِهِ مِمَّا يَشْغَلُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ التِّجَارَاتِ أَوْ غَيْرِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُعْتَكِفَ يَسْكَرُ لَيْلًا ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ، أَيُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ اعْتِكَافَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا فِي الذَّنْبِ الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي اعْتِكَافِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ يَزِيدَ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ اعْتَكَفَ وَشَرَطَ أَنْ يَطْلُعَ إلَى قَرْيَتِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَيَطْلُعَ عَلَى أَهْلِهِ وَيُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ أَوْ لِحَاجَةٍ؟
قَالَ: لَا شَرْطَ فِي الِاعْتِكَافِ فِي السُّنَّةِ الَّتِي مَضَتْ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَبِيعُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يَبْتَاعُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ إنْسَانًا فَيَقُولَ ابْتَعْ لِي كَذَا وَكَذَا.

.فِي عِيَادَةِ الْمُعْتَكِفِ الْمَرْضَى وَصَلَاتِهِ عَلَى الْجَنَائِزِ:

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمُعْتَكِفِ، أَيُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ؟
فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَائِزِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ انْتَهَى إلَيْهِ زِحَامُ النَّاسِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ إلَى جَنْبِهِ فَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَعُودُ الْمُعْتَكِفُ مَرِيضًا مِمَّنْ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَهُ، وَلَا يَقُومُ إلَى رَجُلٍ يُعَزِّيهِ بِمُصِيبَةٍ وَلَا يَشْهَدُ نِكَاحًا يُعْقَدُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُومُ إلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ لَوْ غَشِيَهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ أَرَ بَأْسًا.
قَالَ: وَلَا يَقُومُ إلَى النَّاكِحِ فَيُهَنِّئُهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يُشْغَلُ فِي مَجَالِسِ الْعِلْمِ.
قَالَ: فَقِيلَ لَهُ أَفَيَكْتُبُ الْعِلْمَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْكِتَابِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ وَالتَّرْكُ أَحَبُّ إلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَسُئِلَ عَنْ الْمُعْتَكِفِ يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِ الْعُلَمَاءِ وَيَكْتُبُ الْعِلْمَ؟
فَقَالَ: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ وَالتَّرْكُ أَحَبُّ إلَيَّ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ وَيَقُولُ إنَّمَا هُوَ كَلَامٌ.